السبت، 4 أغسطس 2012

العلاقات الأمريكية العربية قبل الحرب العالمية الأولى


بقلم د/ابراهيم حجاج مدرس بقسم الدراسات المسرحية كلية الآداب جامعة الاسكندرية.
تعد منطقة الشرق الأوسط بؤرة مصالح إمبريالية واسعة عسكرية، وسياسية، وإيديولوجية، واقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية التى تعطى هذه المنطقة أهمية استراتيجية فائقة، "فهى تقع عند ملتقى قارات ثلاث وعلى الحدود الجنوبية للاتحاد السوفييتى، وتمر عبرها قناة السويس، وعقدة مواصلات بحرية وجوية تصل أوربا وأسيا وأفريقيا، وتغوى الإمبريالية الأمريكية طبعًا ثروات الشرق الأوسط النفطية ووضعه فى بؤرة الاهتمام باعتباره مركزًا نفطيًا رئيسيًا للعالم الرأسمالى.
وتقع عملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط تحت تأثير مجموعة واسعة من القوى والمؤسسات يضع "فواز جرجس" فى مقدمتها: رئيس الدولة، الكونجرس الأمريكى، وجماعات الضغط (اللوبى اليهودى)، وعلى الرغم من العلاقة المعقدة والمهمة بين الأطراف الثلاثة، واختلافها فى بعض الأحيان حول تحديد المصالح الأمريكية فى النظام الدولى فإنها نادرًا ما تختلف عندما يتعلق الأمر بالمنطقة العربية، وإجمالاً، فعلى مدار الخمسين سنة الماضية، منذ السبعينات بوجه خاص، كان هناك إجماع نسبى فى صفوف جهاز السياسة الخارجية على النقاط العريضة للمصالح الحيوية الأمريكية فى المنطقة العربية وتتضمن هذه المصالح ما يأتى:
تأمين حصول الولايات المتحدة على النفط العربى بسعر مقبول.
إبقاء الاتحاد السوفييتى بعيدًا عن الشرق الأوسط.• المحافظة على أمن إسرائيل وتفوقها على جيرانها العرب."
وقد مرت العلاقات الأمريكية العربية بعدة مراحل أساسية منها:
المرحلة الأولى: بدأت مع ظهور الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها دولة مستقلة فى الربع الأخير من القرن الثامن عشر واستمرت حتى الحرب العالمية الثانية 1939.
فى هذه المرحلة حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تأخذ موقفًا إيجابيًا فى علاقاتها بالمنطقة العربية، حيث "بدأت العلاقات العربية الأمريكية بنشاطات اتخذت طابع تقديم الخدمات الدينية والصحية والتعليمية التى قدمتها البعثات التبشيرية الأمريكية للأقطار العربية منذ عام 1819م. ولم يأت عام 1900م، حتى كانت هذه الإرساليات قد أثبتت وجودها، وقدمت خدماتها المتنوعة بصورة منتظمة ذات تأثير فى الشعوب العربية فى كل من مصر وبلاد الشام ومنطقة الخليج العربى وغيرها من أقطار العرب، بإنشاء المدارس والمستشفيات والكنائس. ولم تكن التجارة الأمريكية فى الأقطار العربية ببعيدة عن دائرة الضوء "ذلك أن السفن الأمريكية منذ أوائل القرن التاسع عشر عرفت موانئ الأقطار العربية المطلة على البحر المتوسط، ومن ثم فإنه يمكن التأريخ لبدء العلاقات بين الولايات المتحدة الأمريكية والأقطار العربية بالمعاهدات التجارية التى عقدت بين أمريكا وبين أقطار شمال أفريقيا العربية أواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر
وقد ظلت المصالح والخدمات الأمريكية فى الأقطار العربية تمارس دورها المرسوم حتى قيام الحرب العالمية الأولى 1914.
"وعقب الحرب العالمية الأولى توسمت الولايات المتحدة الأمريكية فى نفسها – باعتبارها الإمبراطورية الملهمة – أهلية الدور العالمى وقيادة حركة التقدم، ورفع لواء المسئولية التاريخية إقرارا بمبادئ الحرية السياسية والاقتصادية، وقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولقد أعلنها الرئيس الأمريكى "ويلسون"() Wilson (1856-1924) قائلا: إننا سنقاتل من أجل الديمقراطية، ومن أجل أن نجعل العالم بأسره حرًا.، وكان ذلك من خلال مبادئه الأربعة عشر التى أعلنها فى يناير 1918 خاصة المبدأ الثانى عشر الخاص بحق تقرير المصير للشعوب التى كانت خاضعة للحكم التركى."
ويتضح مما سبق أن السياسة الخارجية الأمريكية قد تبنت مفهوم المدرسة المثالية فى بداية علاقاتها بالدول العربية خلال تلك المرحلة، ومع ذلك فهناك بعض المواقف التى حادت عن هذا المفهوم مثل موقف "ويلسون"، صاحب النقاط الأربعة عشر نفسه، "والذى خيب آمال العرب بتأييده لوعد بلفور (وزير الخارجية البريطانى حينذاك) عام 1917، والذى يدعو إلى إنشاء وطن قومى لليهود فى فلسطين، وهو الوعد الذى علق عليه الزعيم "جمال عبد الناصر" بقوله (وعد من لا يملك لمن لا يستحق)، هذا بالإضافة إلى "إقرار "ويلسون" لاتفاقية "سايكس – بيكو" بتقسيم البلاد العربية بين إنجلترا وفرنسا، واعترافه بالحماية البريطانية على مصر.
وقد جاءت مواقف "ويلسون" الأخيرة تأكيدًا لمبدأ التناقض بين الفعل والقول فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق