الخميس، 26 يوليو 2012

انعكاسات السياسة الأمريكية على خطاب النص المسرحي المصرى فى الفترة من 1970-2010



العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية والعرب علاقة قديمة مرت بالعديد من المراحل التى اعتمدت في المجمل على المصالح المشتركة وان ظل الانحياز الامريكي لإسرائيل عائقا امام تطويرها, وجاءت احداث الحادي عشر من سبتمبر لتزيد الهوة بين الجانبين و بين هذا وذاك العديد من المشاكل والقضايا التى تسببت في شقاق كبير في العلاقات وشكوك في النوايا الامريكية تجاه العرب، ويتشكل مسعى هذا البحث فى دراسة انعكاسات السياسة الأمريكية على خطاب النص المسرحى المصرى، مرتكزًا فى تحليله النقدى على منهج البنيوية التوليدية الذى حاول الجمع بين المضمون الاجتماعى للعمل الأدبى من ناحية، والقيمة الفنية لعناصره الداخلية من ناحية أخرى، بهدف الكشف عن إمكانات جديدة لفهم الخطاب المسرحى برؤية نقدية معاصرة، تصله بواقع اجتماعى ساهم فى إفرازه وإنتاج دلالاته.
وتكمن مشكلة هذا البحث فى الإجابة عن التساؤلات الآتية:
1- مااتجاهات السياسة الأمريكية فى ضوء علاقاتها مع العرب، وفقًا لنظريات علم الاجتماع السياسى؟
2- هل نجح منهج البنيوية التوليدية فى التعبير الأمثل عن العلاقة بين الأدب والمجتمع دون إغفال القيمة الفنية الداخلية للعمل الأدبى؟
3-  هل نجح كتاب المسرح المصرى فى ضوء علاقات التأثير والتأثر المتبادلة بين الفن والمجتمع فى رصد اتجاهات السياسة الأمريكية فى علاقتها مع العرب وتأثيراتها فى إدارة القضايا الراهنة؟
4-  ما مضمون الخطاب المسرحى فى هذا المجال وما  حجمه وتوجهه؟
5-  ما السمات العامة والملامح الخاصة للشخصية العربية والأمريكية فى نصوص المسرح المصرى التى تناولت العلاقات السياسية بين الطرفين؟
ويرتكز منهج البحث على الاتجاه الاجتماعى فى النقد )منهج البنيوية التوليدية(. كما تفرض طبيعة البحث الاستعانة بالمنهج التحليلى الوصفى.
وتأتى أهمية البحث فى محاولته تجميع أهم القضايا السياسية الشائكة فى إطار العلاقات الأمريكية العربية مثل(التأييد الأمريكى لإسرائيل: أسبابه ومظاهره- الشعارات الأمريكية الزائفة حول الحرية والديمقراطية- التدخل الأمريكى السافر فى شئون الدول العربية- دعم أمريكا للإرهاب الدينى المتطرف- الإدانة الأمريكية للعرب والمسلمين بعد حادث انفجار البرجين)، وانعكاسات كل هذه القضايا على خطاب النص المسرحى المصرى، بشكل شمولى فى مؤلف واحد؛ حيث خلت المكتبة المصرية من دراسة نقدية وافية حول هذا الموضوع، وجاء تعامل النقاد معها فى شكل مقالات نقدية متفرقة. 
وتأسيسًا على ما تقدم طُرحت الدراسة فى صورتها النهائية متضمنة أربعة فصول كالآتى:
الفصل الأول: بعنوان "الأسس النظرية للدراسةوقد حاول الباحث فى هذا الفصل عرض الأسس النظرية التى تستند عليها الدراسة، وذلك من خلال مبحثين قدم فى أولهما  مفهوم السياسة، وبعض المفاهيم المتعلقة بها، كالقوة والسلطة والردع والإرغام، وأهم المدارس الفلسفية لنظرية السياسة الخارجية، ثم تطرق إلى طبيعة العلاقات الأمريكية العربية – مجال الدراسة –.ومراحل تطورها
أما المبحث الثانى فقد تناول العلاقة الخصبة المتشابكة بين الأدب والواقع الاجتماعى، بدايةً من ارهاصاتها الأولى عند "أفلاطون" ، و"أرسطو" مرورًا بالتحليل الاجتماعى التقليدى للأدب فى ضوء نظرية الانعكاس وصولاً إلى منهج البنيوية التوليدية.
الفصل الثانى: بعنوان "قضية التحيز الأمريكى لإسرائيل وانعكاساتها على بنية النص المسرحى"، ويتناول هذا الفصل طبيعة العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وانعكاساتها السلبية على القضية الفلسطينية، وذلك من خلال نص "ماذا حدث لليهودى التائه؟"، الذى استعرض فيه الكاتب "يسرى الجندى" دور الولايات المتحدة الأمريكية فى مساندة اسرائيل، وتأييدها لمشروع الكيان الصهيونى الغاصب، بما يتفق مع سياستها الواقعية القائمة على القوة والمنفعة الذاتية.          
الفصل الثالث: بعنوان "الحرية الزائفة فى ظل التبعية الأمريكية وانعكاساتها على الدراما المسرحية"، ويعكس هذا الفصل صورة للشعارات المزيفة التى تتشدق بها أمريكا فى المحافل الدولية حول الحرية والديمقراطية، وذلك من خلال نص "ماما أمريكا" للكاتب "مهدى يوسف" الذى أوضح فشل أمريكا فى إعلاء شأن الحرية وتدعيمها فى المحيط العربى، بما يتناقض مع ادعاءاتها الزائفة.
الفصل الرابع: بعنوان "ملامح السياسة الأمريكية بعد حادث سبتمبر وانعكاساتها على الدراما المسرحية" ويقدم الباحث فى هذا الفصل من خلال نص "الحادثة اللى جرت فى شهر سبتمبر" للكاتب "محمد أبو العلا السلامونى" انعكاسات السياسة الأمريكية بعد حادث انفجار البرجين فى الحادى عشر من سبتمبر- والذى كانت له انعكاسات سلبية - على منظومة العلاقات الأمريكية العربية.
 وقد توصل الباحث فى النهاية إلى مجموعة من النتائج يمكن إجمالها فيما يأتى:
1-    أوضح البحث من خلال عرضه لمراحل تطور العلاقات الأمريكية العربية، وآراء العديد من الباحثين والمؤرخين والساسة، أن السياسة الأمريكية الخارجية- عامة وفى علاقاتها مع العرب خاصة- تقوم على النظرية الواقعية التى تستند على مبادئ الفلسفة البراجماتية النفعية، وتربطها بمفهوم القوة والسلطة القهرية.
2-    أوضح البحث وظيفة المسرح المعرفية كمنشط لوعى المتلقى إزاء الممارسات السياسية الفاسدة، حيث نجح المسرح فى كشف القناع عن الوجه الحقيقى لأمريكا وسياستها القائمة على تغليب المصلحة الذاتية.
3-    أثبت البحث قدرة المسرح على تقديم حلولاً واقعية لبعض القضايا والمشكلات السياسية، فعلى سبيل المثال، قدمت النصوص المسرحية المختارة حلولاً جذرية لمواجهة ممارسات السياسة الأمريكية الفاسدة، عن طريق التثوير الجمعى ولم الشمل العربى، أو مقاضاة أمريكا فى محكمة العدل الدولية، ومنظمات السلام وحقوق الإنسان، أو تعبئة الرأى العام العالمى ضدها.   
4-    أظهرت النصوص المسرحية المختارة شخصية المواطن العربى فى صورة الثائر الساخط على السياسة الأمريكية بأنماطها المختلفة، كما أظهرت شخصية المتطرف الدينى الذى جندته أمريكا لصالحها مقابل اغرائه بمكاسب سياسية فضلا عن القاء الضوء على العلاقة الحميمة القائمة على تبادل المصالح بين بعض حكام الدول العربية وأمريكا، وعاقبة هذا الود الذى لن يدوم طويلاً.
5-    أظهرت النصوص المسرحية المختارة نمطين من أنماط الشخصية الأمريكية:
·     النمط الأول: الشخصية البراجماتية التى تستبيح أى شيء فى سبيل تحقيق مصالحها الذاتية.
·     النمط الثانى: الأمريكى الساخط على سياسات بلده ولا يجد غضاضة فى انتقادها، والدفاع عن الطرف الأضعف فى الصراع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق